السعادة

 استيقظت صباحا على ابتسامة رضى على وجهي، كنت أتأمل المشهد أمامي، صورة أبي وأمي وتفاصيل منزلي الصغير الذي يشبهني واشكر الله على كل النعم المحيطة بي وافتح تطبيق التويتر لأتصفح الأخبار كعادتي كل صباح لأجد أن اليوم هو اليوم العالمي للسعادة، اتسعت ابتسامتي فلم أكن اعلم بذلك وبت أعدد كل التفاصيل التي تحيط بي من جديد مع امتنان اكبر.

الحزن ليس تلك الدموع المنهمرة، مرة شاهدت فيلما نسيت اسمه كان يمثل بالنسبة لي الحزن، كان البطل قد فقد أطفاله بسبب حريق تسبب به هو دون قصد، كنت تشاهده يعيش حياته بتفاصيلها بدون مبالاة تلك اللامبالاة هي قمة الحزن بالنسبة لي وليست الدموع والمشاعر المتدفقة أما السعادة ليست ضحكا بصوت عالِ، لكل منهما مفهوم أعمق، السعادة أن تكون راضٍ وتقنع بما لديك أن تملك الصحة، عندما تفكر بالأناس الذين يعنوا لك ليس من الضروري أن يكونوا ملاصقين بك المهم أنهم بخير، ليس من الضروري أن تملك الأشياء بل أن تستخدمها، مثال بسيط عما اعنيه ، لا املك منزلا لي باسمي أي ليس لدي ورقة تقول أن هذا المنزل يخص سينتيا محمود ولكن هل يا ترى لو ملكت تلك الورقة سعادتي ستزيد وأنا اقطنه وهل حاليا يجب أن تنقص؟

أنا اسكنه واستمتع بتفاصيله ولدي المال الذي أسدد به أجاره كل نهاية شهر أولا يكفي ذلك مثلا؟

عندما بدأت عملي هنا كنت تقريبا لا املك قوت يومي لولا خالتي التي كانت كل فترة أجدها باغتتني وقد جائت المنزل بغيابي وملأت البراد بكل ما يخطر ببالك ، كنت انظر إلى السماء ولا أخاف، فالطير في السماء لديه رزقه لما أخاف على نفسي ومدركة أني لن أستطيع أن أتحكم بكل شيء، كنت اعمل بجد كل يوم ولا أفكر أبدا أو اقلق أو أخاف، مع الوقت ومع كل زيادة في راتبي كنت ابكي فرحا، الآن أستطيع تأمين ثمن دوائي، ثم تفاصيل يومي رويدا رويدا أصبحت أستطيع شراء الكماليات، كنت صابرة ومؤمنة تماما أن الغد أفضل وتحقق ذلك، الإيمان بالنفس والعمل بجد والتفكير بطريقة ايجابية حتى تملك طاقة لتستمر لهم تأثير المعجزة، المعجزات لا تنزل من السماء، عليك أن تصنعها بنفسك.

أن تملك كل شي ليس في ذلك سعادة، أن تستشعر ما تملك هو السعادة، أن تفرح بما لديك وتقدّره أما النظر دوما إلى ما الذي ينقصك لن يفيدك في شيء.

كان الله في عون كل إنسان داخل سوريا، قلبي معكم لأنني لا اعرف إن كنت سأستطيع أن أتحدث بتلك الطريقة لو كنت بينكم الآن، قبل عامين لمن كان قريبا مني كان يعلم أني كنت قد بنيت عالمي الصغير الخاص الذي كان يخلق لي سعادتي الصغيرة وسط جحيم الحرب، خلال هاتين السنتين تغيرت الكثير من الأمور وللأسف للأسوأ. 

سوريا بركان ثائر لم يهدأ بعد

وفي النهاية كل عام وقلوبكم عامرة بالرضى،  وسعادتي حاليا في دعاء والديّ لي وأني تركت أثراً طيباً عند غالبية من عرفتهم ولا بأس أيضاً من كوب قهوة دافئ :) .

#السعادة