مباراة #السعودية_الارجنتين

مبارة البارحة بين السعودية والأرجنتين خلقت جدلا بيني وبين نفسي مع أن الظاهر كان مزاحا بيني وبين زوجي، فهو مع أنه يحب الكرة الأرجنتينية وكان مشجعا لها ولكنه فرح مع كل هدف وهجمة سعودية مع إحباط وحزن كبيرين من جهتي لأني كنت أرجنتينية حتى النخاع خلال المبارة وحزنت لخسارتهم، وتوضيحا لمن لا يعرفني فأنا أرجنتينية المولد والأم وهذه الجنسية انقذتني من جحيم سوريا عندما قررت الرحيل والبلد احتضنني وقدم لي الكثير، بدأت من الصفر وحصّلت عملا واستطعت الحصول على منزلي الخاص صحيح أنني لم أملكه لكن مدة اقامتي فيه شعرت وكأنه منزلي، بكل بساطة أحببت البلد، ولا أجمل من أن تشعر بالامتنان لمن يقدم لك شيئا والأرجنتين لم تبخل يوما عليّ.

خلال مزاحي مع زوجي قال لي " لم أركِ حزينة على سوريا يوما كما أنت حزينة اليوم على المباراة"، كانت جملة بسيطة بريئة ولا معنى حقيقي لها فهي حديث وخلاف غير حقيقيين وفكاهي بيني وبينه، كان كملح الطعام لا أكثر، فهو لم يشاهد ألمي علي بلدي ووجعي حد الهروب والنكران.

تخيلوا أني اهرب من أي خبر يخص سوريا، لم أعد أستطع تحمل الآلام، عقلي، جسدي، وروحي، كلي يقول لي ( كفى) ..

بعيدا عن سوريا وفي مشاهداتي لفرحة العرب بفوز السعودية ومشاعري متضاربة، فلا مانع من الفرح وهو فرح مستحق، فرحت فعلا عندما شاهدت مجموعة يحاربون للفوز، أحب المحاربين وأمقت في المقابل المستسلمين، حتى أني بيني وبين نفسي رفعت القبعة للحارس السعودي والمدرب وبعدها للفريق ككل ولكن ليس لأنهم عرب بل للمجهود والتعب والأسلوب، صدقا أصبح لدي فوبيا ضد العرب مرض اخترعته حاليا خلال كتابتي، أي أنني لدي دوما شيء ضدهم أي العرب كحالة وليس كأشخاص.

لدي في هاتفي إحدى الأغنيات (ياصلاة الزين على بلادنا) صدقا أُستفز جدا عندما أسمعها وأحاول تخطيها وأحيانا سماعها لاسترجاع حالة الاشمئزاز والبدء بسيل من الشتائم على كل البلدان العربية وأقصد الحكومات والقطيع الذي يتبعها.

تخيلوا أن حاكم بلد ما عارض حاكما لبلد أخرى، والسعودية ومصر كمثال ضد قطر ومن حاول الحديث بشكل إيجابي أو تخفيف الخصام كان مصيره الاعتقال، وتجد بعدها حكام تلك البلدان نفسها في صورة جماعية يتبادلون الأحاديث والنكات بينما المعتقلات متخمة.

هذا الذي تبتسم له اليوم أيها الحاكم قمت بسجن شخص تكلم وفقط تكلم عن الحاكم الآخر بشكل إيجابي، هذا الشخص بقي سجينا وانتم الحكام طويتم الصفحة، كيف لي أن أهلل لمنتخبات يتاجر حُكامها بالفوز..

أتابع افتتاح مونديال قطر 2022 وفي لقطة عابرة لقطر في السبعينيات أي منذ خمسين عام فقط كانت صحراء، كانت قطر قرية صغيرة تتألف من عشرين ألف نسمة، لا تملك مطارا بل قطعة أرض مسطحة تستقبل الطائرات الصغيرة، كان قطيع الماشية يجول الشوارع الترابية بينما بلدا كسوريا لديه دمشق اقدم عاصمة في التاريخ مر من خلالها طريق الحرير الذي كان يوصل الشرق بالغرب من الهند والصين حتى روما. 

بعيدا عن دروس التاريخ القديمة، قريبا حتى ستينيات القرن الماضي كنا نملك مئات السينيمات ونرتدي آخر صرعات الموضة بل حتى ملكة بريطانيا في حفل زفافها ارتدت ثوبا من القماش الدمشقي (البروكار).

حكومات ترفع مواطنيها لسابع سماء وأخرى تأخذهم إلى الجحيم وتنساهم.

يتحدثون عن فصل الحواس وهو مصطلح أول مرة سمعت به عندما قررت تعلم العزف على القانون وهو أن تقوم كل يد بعزف نوتة مختلفة، فصل الحواس تستطيع تطبيقه في كثير من الأمور في حياتك كأن تدخل في تأمل وإلى جانبك زلزال من الأصوات المزعجة كمثال، للآن لم أستطع  فصل السياسة بشكل كامل عن حياتي وليتني استطيع.

جاري المحاولة... 

#السعودية_الارجنتين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الولائم (العزيمة) في سوريا

عن الشعب السوري

محاكمة الله