التفاؤل ليس حلا

 غالبا ما أصاب بانزعاج من خوارزميات الانترنت وأحيانا العكس.

تلتقط كلمة تفوهت بها هنا، أو زر اعجاب ضغطه هناك، وأحيانا وقوفك أمام فيديو دون آخر وقت أطول حتى دون أن تقوم بأي شيء، وتبدأ المتواليات بالظهور.

ونبدأ بالسخط، ما هذا؟ أين خصوصيتي؟ 

وكأنك أحد المسؤولين العِظام، ويا للكارثة لو أن أحدا ما اكتشف أنك تحب الماركة الفلانية أو يعجبك حديث فلان.

هناك أوقات كما الآن أُدهش، أجد دعم من نوع آخر، أكون بحاجة إلى كلمة طيبة أجد فيديوهات وجمل وعبارات تتناثر هنا وهناك، من قال لكم أن الرسل انتهى عصرهم؟!

كل كلمة، كل جملة، كل فكرة، كل آية، كل حادثة تحدث أمامك هي رسول، لم تأت عبث، تأملها، احضن اي فكرة تمر أمامك، قدّرها، افهمها ومن ثم اتركها لو لم تلاقي صدى داخلك.

كل هذا مقدمة لمجموعة فيديوهات وعبارات مرت عليّ في الفترة الماضية وأقول ذلك لأني لن استطيع نسب الفكرة لفلان أو علان، صدقا هم خليط مرّ أمامي وسيخرج الآن من معملي الخاص اقصد عقلي، كلنا نقرا كتاب معين مثلا ولكن لكل منّا معمله الخاص ويخرج هذا الكتاب بطريقته..

ما علينا، الآن جائت فكرة لذيذة اغرتني جدا هي ليست جديدة بالمطلق ولكن جائت وبكثافة هذه الفترة وهي الإيجابية ، من قال لكم أن التفاؤل والإيجابية هما الحل؟

كنت سابقاً اعتقد أن التفاؤل ورؤية الجمال كفيل بتغيير كل شيء، لتأتي الفكرة المخالفة تماما، نعم هي كذلك.

الحل ليس بتلك الطريقة، أن تلغي الواقع و تتخيل واقعا زهريا في خيالك وتوهم نفسك ولو صادفت اي سلبية تبدأ بسرد العبر والمعاني العميقة من وراء تلك السلبية كما في قصة الرجل الصالح مثلا، هي تنفع في حالة أو اثنان ولكن ليس كأسلوب حياة.

حياتنا ليست وردية وعدم الاعتراف بالمشاكل لن ليلغيها، والرضى غير التفاؤل.

التفاؤل سيصيبك بخيبة أمل إن لم يحدث ما أردت.

الكلمة السحرية التي ترددت مثل الصدى هي التجاوز..

أن ترى القبح ضرورة، أن تتألم وتسمح لمشاعرك بالخروج، الألم ليس رديفا للمعاناة ، الألم ممكن أن يكون مادة دسمة للإبداع بينما المعاناة تقتلك.

شاهد ألمك، تأمله، خذ وقتك معه كما يفعل طبيب جراح عندما يقرر إزالة ورم ما، أدخل في تفاصيل ألمك وتجاوز، التجاوز يعني أنك مدرك.. في الحالتين سيمر الوقت ولكن شتان بين شخص تجاوز وآخر تغاضى عن الأمر وكأنه لم يحدث، تماما كمن يقوم بتنظيف منزله واخفاء ما جمعه من قذارة تحت البساط.

لتطورك الروحي أو نمو وعيك أو نضجك هناك خيمياء داخلية تحدث، التجاوز هو الحل وليس التغاضي.

التفاؤل ليس سيئا، ولكنه مرحلة بدائية في حال كانت حياتك حطام ستساعدك على الشفاء ولكنه مرحلة ليس إلا..

بدلا منها كن كالدفة التي تطفو على سطح البحر، تناغم مع كل شيء واتركه يأخذك إلى حيث يشاء.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الولائم (العزيمة) في سوريا

عن الشعب السوري

محاكمة الله